فصول ومسائل تتعلق بالمساجد
سابعا: المرور في المسجد واتخاذه طريقا لغير حاجة
فإن المساجد لها مكانتها وشرفها، فلا يجوز امتهانها بكثرة المرور والعبور فيها من باب لباب دون حاجة ضرورية، وإنما لمجرد العادة أو اختصار الطريق، فأما إن كان المرور لحاجه فلا بأس بذلك، وهو ما كان يقع في العهد النبوي.
وقد ترجم البخاري اسم> في صحيحه (باب المرور في المسجد رأس> ) وذكر فيه حديث أبي موسى اسم> رفعه: رسم> من مر في شيء من مساجدنا أو أسواقنا بنبل فليأخذ على نصالها .. متن_ح> رسم> إلخ.
وروى قبله حديث جابر اسم> بلفظ: رسم> مر رجل في المسجد ومعه سهام . . متن_ح> رسم> إلخ.
ولعل ذلك كان لحاجة ألجأته إلى المرور، وقد يراد بالمرور الدخول لصلاة أو عبادة ونحو ذلك.
وهكذا ما روي في تفسير قوله تعالى: رسم> وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ قرآن> رسم> .
عن ابن عباس اسم> قال: رسم> لا تدخلوا المسجد وأنتم جنب رسم> إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ قرآن> رسم> قال: تمر به مرا ولا تجلس رسم> [رواه ابن أبي حاتم اسم> ] حديث> .
وروى ابن جرير اسم> عن يزيد بن أبي حبيب اسم> رسم> أن رجالا كانت أبوابهم في المسجد، فكانت تصيبهم الجنابة ولا ماء عندهم، ولا يجدون ممرا إلا في المسجد، فأنزل الله تعالى: رسم> وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ قرآن> رسم> رسم> .
وفي هذا جواز مرور الجنب في المسجد رأس> لحاجة الإتيان بالماء أو للاغتسال، ولا يجوز لغير حاجة، فقد روى أبو داود اسم> من حديث أفلت بن خليفة اسم> عن جسرة بنت دجاجة اسم> عن عائشة اسم> قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رسم> إني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب متن_ح> رسم> .
لكن قال الخطابي اسم> إن أفلت اسم> مجهول، وضعف الحديث به، وتعقبه المنذري اسم> في تهذيب السنن، وابن القيم اسم> في شرح التهذيب بأنه معروف، وقد وثقه بعض الأئمة .
وقد روى البخاري اسم> هذا الحديث في ترجمة أفلت اسم> من تأريخه الكبير، ولم يجرح أفلت اسم> وسماه بعضهم: فليت اسم> ولكنه ذكر أن عند جسرة اسم> عجائب وقد رواه ابن ماجه اسم> عن أبي الخطاب الهجري اسم> عن محدوج الذهلي اسم> عن جسرة اسم> عن أم سلمة اسم> بلفظ: رسم> إن المسجد لا يحل لجنب ولا لحائض متن_ح> رسم> . قال في الزوائد: إسناده ضعيف، محدوج اسم> لم يوثق، وأبو الخطاب اسم> مجهول اهـ.
ويمكن أنه عن جسرة اسم> عن عائشة اسم> وأم سلمة اسم> إن كان ثابتا، ولعل نهي الحائض مخافة تلويث المسجد، فمتى أمن ذلك جاز دخولها المسجد، والحديث قد حسنه الزيلعي اسم> في نصب الراية عن عائشة اسم> وناقش ما قيل في إسناده من المقال .
وقد روى مسلم اسم> في صحيحه عن عائشة اسم> قالت: رسم> قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (ناوليني الخمرة من المسجد) فقلت: إني حائض. فقال: (إن حيضتك ليست في يدك) متن_ح> رسم> .
ثم روى نحوه عن أبي هريرة اسم> ولفظه: رسم> بينما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المسجد فقال: (يا عائشة ناوليني الثوب) فقالت: إني حائض. فقال: (إن حيضتك ليست في يدك فناولته) متن_ح> رسم> . وظاهره أنه طلب منها ثوبا وهو في المسجد فأتت به، ولم يمنعها الحيض، ولعلها أمنت من التلويث، أو اعتبرت أن النهي عن الجلوس فيه.
وأما الجنب فلعل النهي عن دخوله المسجد؛ لأنه محدث حدثا أكبر، والمسجد موضع للعبادة، فلا بد أن يكون محل احترام، فلا يجلس فيه الجنب، وقد ذهب الأئمة الثلاثة إلى منع الجنب من المسجد حتى يغتسل، لقوله تعالى: رسم> وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا قرآن> رسم> أي: لا تقربوا أماكن الصلاة.
وذهب الإمام أحمد اسم> إلى جواز دخول الجنب المسجد إذا توضأ، وروي عن الصحابة أنهم كانوا يجلسون في المسجد للتعلم وهم جنب إذا توضئوا، ذكر ذلك ابن كثير اسم> عند تفسير هذه الآية، وروى ذلك بإسناد سعيد بن منصور اسم> عن عطاء بن يسار اسم> قال: رأيت رجالا من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يجلسون في المسجد وهم مجنبون إذا توضئوا وضوء الصلاة. [وإسناده على شرط مسلم اسم> ] .
مسألة>